خالد بن الوليد يقود 20 ألف مسلم لهزيمة 150 ألفاً من التحالف المجوسي العربي الصليبي في معركة “الفراض”



كان للفتوحات العظيمة التي قام بها المسلمون بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه بأرض العراق صدى كبير ليس عند مملكة الفرس وحدها، ولكن أيضًا عند مملكة الروم التي هالها اكتساح المسلمين لأرض العراق كلها في شهور معدودة، حتى أصبح المسلمون على تخوم مملكتهم بالشام والجزيرة، وكان فتح منطقة «الرضاب» على الحدود بين الشام والعراق وهي تعتبر من آخر بلاد الشام الشرقية، وتعتبر من ضمن حدود مملكة الروم، بمثابة ناقوس خطر شديد دق فوق رءوس الروم، فأسرعوا فعقدوا تحالفًا ثلاثيًا مع الفرس والقبائل العربية المتنصرة مثل آياد وتغلب والنمر وبكر وتنوخ، وذلك لوقف تقدم المسلمين وانهاء وجودهم بأرض العراق والشام.

رفعت الاستخبارات الإسلامية نبأ هذه الاستعدادات الحربية للقائد خالد بن الوليد، وكان وقتها معسكرًا بجيشه بالفراض على حدود الشام مع العراق وظهره للصحراء ميدان القتال المفضل عند المسلمين والعرب، فقرر انتظار هذا التحالف الكفري والاصطدام معه عند الفراض، وكان جيشه يقدر بعشرين ألفًا.

أعد التحالف المجوص الصليبي جيشًا جرارًا يقدر بمائة وخمسين ألفًا، وقد حاول بعض عقلائهم إثناءهم عن قتال المسلمين وذلك بسبب قوة إيمان المسلمين وتمسكهم بدينهم، ولكنهم أصروا على القتال وعبروا الفرات من الغرب إلى الشرق، وأرادوا أن يستدرجوا خالد بن الوليد في خطأ عسكري وقع فيه بعده أبو عبيد الثقفي قائد المسلمين يوم الجسر في شعبان سنة 13 هـ، فقالوا له: «إما أن تعبر إلينا الفرات أو نعبر لكم نحن»، فقال خالد: «بل اعبروا أنتم» ذلك لو أنه عبر إليهم الفرات سيصبح محاصرًا في مكان ضيق والنهر في ظهره، وبالتالي لن يستطيع المسلمون القيام بهجماتهم الخاطفة التي اشتهروا بها والتي كسبوا بها كل حروبهم.
وفي يوم 15 من ذي القعدة سنة 12هـ تكامل عبور التحالف المجوسي الصليبي العربي، وما إن تكامل عبورهم حتى انقض عليهم المسلمون كالأسود الكاسرة، وقد اغتر العدو بكثرتهم الكبيرة، ولكنهم فوجئوا بشدة الهجوم الإسلامي فاضطربت صفوفهم، خاصة وأنهم خليط من أعداء الأمس «الروم والفرس»، وقد لاحظ خالد بن الوليد هذا الخلل فأمر جنوده بتشديد الهجوم وتصعيده بكل قوة، فعمت الهزيمة على جيوش الحلفاء الثلاثة، وأخذتهم السيوف من كل مكان حتى بلغ عدد قتلاهم مائة ألف مقاتل، وكانت هذه المعركة الكبيرة أعظم وآخر معارك خالد بن الوليد بالعراق، لأنه سينتقل إلى الجهاد على الجبهة الشامية.

ورغم العداء التاريخي بين الفرس والروم إلا أنهم اجتمعوا ولأول مرة في جيش واحد ضد المسلمين …وهو ما يحدث في كل زمان ومكان من تحالف كل المختلفين واجتماعهم وإجماعهم على العداء للإسلام والمسلمين خاصة عندما ينهضون لنصرة دينهم فتظهر مؤشرات عودتهم بعد الغفلة الطويلة التي مضوا فيها ..
– كما أن القبائل العربية المتناحرة المتفرقة التي تعودت على الحروب والثارات والفرقة فيما بينها في الجاهلية ما اتحدت لتشكيل كيان قوي لها إلا عندما تطلب الأمر قتال المسلمين العرب وهم أبناء جلدتهم ومن أرادوا أن يخرجوهم من عبودية الفرس والروم والتبعية الذليلة لهم إلى نور الإسلام وعزة المسلمين …لكنهم أبوّا إلا العبودية والتبعية و أن يكونوا خنجرا وشوكة في طريق الفتوحات وحطب نار الكبار التي تحرقهم..
– ولا يغرّنكم تحالف قوى الشر على الإسلام وكثرة عددهم وتعدادهم فقلوبهم من دون شك شتى فلا تجمعهم سوى المصالح الدنيوية التي يعيشون لأجلها لذلك سرعان ما تفرّقهم نفس المصالح التي جمعتهم .. بعكس المسلمين الذين يقبلون على الموت في سبيل الله إقبال الكفار على الدنيا فيرون الجهاد أسمى أمانيهم فنتائجه كلها خير فإمّا نصر يُعزّ فيه المسلمون وتعلو فيه راية الحق وإمّا شهادة فجنة و ريحان ونعيم …
– معظم المعارك التي خاضها المسلمون في فتوحات العراق والشام كانوا فيها الأقل عددا في حين كانت أعداد جيوش الفرس والروم أضعاف أضعاف عدد المسلمين لكنّ الله جلّ في علاه قد مكنّ المجاهدين الذين أخلصوا النية من رقاب الكفار فقتلوا خلال المعارك أعدادا كبيرة جدا بلغت من الفرس فقط في معارك العراق 400 ألف مجوسي ..في الوقت الذي لم يخسر فيها المسلمون في فتوحات العراق إلا معركة واحدة عرفت بمعركة الجسر التي تسرّع فيها قائد جيش المسلمين أبو عبید بن مسعود الثقفی رضي الله عنه والذي استشهد فيها هو وعدد كبير من المسلمين.. كان العدد الأكبر في معارك العراق ..
– التوكل على الله ثم الأخذ بالأسباب من حسن التخطيط والتدبير والذكاء كانت من أهم عوامل انتصارات المسلمين حيث استطاع خالد بن الوليد رضي الله عنه و خلال أقل من شهرين من فتح نصف العراق ..
– وأخيرا … لا يمكن لنا أبدا أن نتجاهل التاريخ عندما نعيش هذا الحاضر وقد تشابهت كثيرا التحالفات والتسميات وجينات الخيانة من القبائل العربية المعاصرة التي تستهدف الإسلام ونهضته …

هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة مجرة الثقافة ©2014-2013 | ، نقل بدون تصريح ممنوع . Privacy-Policy| أنضم ألى فريق التدوين